أم عماد - حياة فرقت في حياتي


أم عماد... 
بأكتب عنها .. علشان  منساش في يوم اللي شفته
علشان غيري يعرف  ويشوف, إزّي البسطاء يعاينون الله..

أم عماد
ست في الستينات  من عمرها... بسيطة في مظهرها.. وبسيطة هي الكلمة ال"شيك"  ل "غلبانة".. بـجلابية وإشارب
من سكان منطقة الجبال الأصفر... منطقة عشوائية معظم سكانها من اللي ضاق بيهم الحال في حتت تانية وباعوا اللي وراهم واللي قدامهم واشتروا هناك, على أمل عيشة أحسن. من الصعيد شوية, وشوية من مناطق عشوائية تانية في القاهرة..

بيتها , ساكنة فيه هي وولادها الإتنين, وزوجاتهم وأحفادها ال 8
البيت كان على الطوب أول مرة زورتهم ... بس لما طلعت معاش وصرفت فلوس, عملوا محارة  :) بس برضه ماكانش فيه بلاط
كانت بتشتغل تمرجيه في مستشفى في شبرا... أصلها كانت من هناك أصلا, قبل ماجوزها يسيبها  هي والأولاد الصغيرين.. ولما عرفت بعد كده قصتها... فضلت مقتنعة إنها قديسة عايشة وسطنا, وكل ماكنت بازورها كان بيزيد اقتناعي... وحتى ظروف وفاتها 
خلتني حاسة إني كنت محظوظة إني اتقابلت معاها في رحلتنا هنا..

أم عماد... أول مرة تشوفها تستغرب هي إزّي بصةعينها جايبة جواك قوي كده..  بس لما وهي بَصة في وشك تقولك "مين"؟ تعرف إنها مش بتشوف... ده بـسبب السكر اللي كان عندها
أم عماد.. كانت معجزة من غير حتى ماتتكلم عن المعجزات اللي كانت بتحصلها
كان عندها السكر, والضغط, والقلب... وعلشان ماكانتش بتاخد ادوية ولا بتابع - ماتعرفش بقى من عدم الاهتمام, ولا بـقصد- كان سكرها بيوصل أرقام الطب بيقول إنها علميا المفروض تكون في غيبوبة!
 - أم عماد... جوزها  ساب المسيح وكان عاوز هي كمان وال اولاد الصغيرين ياخدهم معاه.. لكن هي كانت بتحكيلي إزّي ربنا كان بيديها نعمة تقف قدام الناس اللي كانوا بيجولهم..وإزّي كان بيديها قوة زقت واحد منهم مرة.. وقفَلِت الباب.
وكانت بتحكيلي إزّي كان في أيام بتبقى مش لاقية فلوس تأكل بيها ولادها .. وإزّي كانت بتصلي, وبعدين تلاقي واحد بيخبط على الباب متعرفوش, ويديها ظرف فيه نفس المبلغ اللي كانت محتجاه.
طبعا,  أنا زي شوية منكم دلوقتي كان جوايا باقول "طب مايمكن هي مألفة القصة علشان تاخد فلوس مننا. بس يكفي إنه لما كنا بنعرض عليها فلوس, كانت بترفض جدا.. وكانت هي اللي لازم تعزم علينا بـأكل وشرب وتبعت تشتريلنا حاجة ساقعة كل مرة.. وأنا عارفة  يعني إيه أربعة جنيه لواحدة داخلها 200 جنيه وهي اللي فاتحة البيت لأن ولادها مش بيشتغلوا.. وأحفادها كمان, لا تعليم ولا شغل..
أم عماد كانت بتحكيلي على استحياء عن مرات شافت فيها المسيح ... لما كانت بتبقى تعبانة 
وماكانش لازم تحكيلي عن معجزات.. هي نفسها وحياتها كانت معجزة حية قدامي!!!
..الدكاترة كانوا بيقولوا إنه ضغطها  اللي كان بيوصل 200, وال سكر اللي كان بيبقى 500.. ومبتاخدش حتى انسولين  ومع ذلك كانت بتتحرك وتركب كل يوم  أرْبع مواصلات علشان تروح شغلها.. لغاية ماطلعت معاش.

أم عماد ماكانتش بتقرأ ولا بتكتب... بس كنت تسمع منها أحلى كلام على ربنا من حد فعلا "يعرفه"..
أنا كنت بروحلها علشان أسمع منها ...
لا درست لاهوت, ولا قرأت كتب لكبار المفكرين.. ولا حضرت مجموعات لدراسة الكتاب المقدس..  بس كنت اسمع الكلام والصلاة اللي بتصليها.. علشان تعرف إنه الطريق لربنا غريب!! يعرفه ويوصله ناس ماتفهمش إزّي!

كنت لسة هاكتب على آخر رحلتها .. وال سرطان اللي كانت بتقولي عنه "معلش يا مس... وانا مهما تعبت أو اتألمت.. ده ييجي ايه في اللي استحمله المسيح علشانا"... وكنت هاكتب على البخوراللي كنا بنشمه في البيت عندها لما زرتها آخر مرة قبل ماتطلعله..
بس حسيت الكلام مش قادر ينقل الحياة اللي شفتها..مش نافع يعبر... أو يرسم صورة حتى بهتانة للأصل اللي شفناه
الكلام... ماينقلش الحياة!!
حياة فرقت معايا.. ومع شيري وسارة وبيشوي ومينا وكل اللي قرب منها وفتحتله قلبها..
حياة فرقت حتى مع اللي كنت باحكيلهم عنها...
حياة... بسيطة... وغريبة... وقوية.. وعميقة...وفريدة
حياة... الكلام مش عارف ينقل نصها..

صلي لينا فوق يا أم عماد... 


Comments